Friday, January 11, 2013

رؤية مستقبلية لثقافة الطفل العامة


رؤية مستقبلية لثقافة الطفل العامة

        تعد الطفولة عماد المستقبل ، فطفل اليوم الغض هو رجل الغد الناضج ، وتعتبر دراسة الطفولة وإعطاؤها جل الاهتمام إنما هو جزء من الاهتمام بحاضر الأمم ومستقبلها حيث يشكل الأطفال الشريحة الواسعة من فئات المجتمع كما يشكلون الأجيال القادمة ، لذا فإن الاهتمام بهم من جانب الباحثين لا يأتي من فراغ لأنه في الواقع اهتمام بالمجتمع وتقدمه ورقيه وتطوره ، وبقدر إعداد الأطفال الإعداد المناسب بقدر ما سيتوفر للمجتمع من التقدم والنمو والرفعة .
         ولما كنا نعيش اليوم عصر عماده التقدم العلمي والتكنولوجي المذهل الذي واكبه تطور هائل في شتى مناحي الحياة ، وأصبح للعلم بصماته الواضحة في كل مجال من مجالات الحياة اليومية،فأثر ذلك في طريقة التفكير وأسلوب الحياة ونمط المعيشة ، كما أثر في القيم والاتجاهات والمبادئ ،  لذلك يعد الإعداد العلمي الجيد لجيل المستقبل يأتي في مقدمة اهتمامات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء .
       ومن قبل هذا التطور العلمي أكدت الرسالات السماوية على الضرورة البحتة لرعاية الأطفال والاهتمام بهم وتوفير شتى المعارف والخبرات لهم بإدراك احتياجاتهم في هذه المرحلة ، ومع عصر الاتصال والذرة والكمبيوتر أي مع عصر التقدم العلمي الملحوظ الذي نشهده الآن نجد أن العناية بالطفل صحيا ومعنويا وتربويا ينبغي أن تتخذ شكلا جديدا بعد أن أصبحت عملية مركبة ، وبالتالي يجب أن تحظى بقدر أكبر من أولويات العمل الوطني . وقد أيقنت دول العالم المختلفة أن الاستثمار في مجال رعاية الطفل وتربيته وتثقيفه من أهم الاستثمارات على الإطلاق لهذا يأتي في مقدمة وأولويات الإعلام الموجه للأطفال ،  توفير الخبرة والمعرفة من خلال ما تقدمه له من برامج عن طريق وسائل الاتصال بحيث يحقق الأهداف المرجوة منه تحقيقها والتي تشمل التسلية المفيدة والترفيه الراقي والتثقيف العام والتوعية والإرشاد والتوجيه ، كل ذلك من شأنه أن ينصهر في بوتقة إعداد جيل قادر على الإبداع والمبادرة والعطاء والمساهمة الفعالة في تسيير حركة مجتمعه ببلوغه مرحلة الشباب .
    وتختلف عملية التنشئة الاجتماعية للطفل من حيث الوسائل والأطر المستخدمة في غرس معايير الثقافة ، فلم تعد تقتصر على دور كل من الأب والأم والمدرسة وجماعة الرفاق ودور العبادة كما كان سائدا في الماضي بل صاحب ذلك التطور العلمي الذي تميز به عصرنا الحديث مع ما واكبه من وسائل تكنولوجية حديثة ،  تهيئة الطفل وإعداده لتحمل تبعات المرحلة القادمة ومتطلباتها .
         ولقد أصبحت قضية ثقافة الطفل الشغل الشاغل للباحثين اليوم كما أصبحت قضية الإبداع وتطوير المهارات والقدرات عند الأطفال من المسائل الهامة المعاصرة ، وسوف تحقق الدراسات في هذا المجال خطوات كبيرة واسعة في بناء الإبداع الإنساني وتوسيع المدركات الثقافية للأطفال . ومما لا شك فيه أن هناك عددا من العوامل المشتركة والمتشابكة التي تساهم في تنمية ثقافة الأطفال وتطويرها وصقلها ودفعها إلى الأمام . وإن من أهم العوامل المؤثرة في صقل الثقافة العامة للطفل هي العوامل التي يتمتع بها الطفل نفسه وهي عوامل النشاط الذاتي التي يقوم بها الطفل ذاتيا وكذلك هنالك تأثير البيئة بما في ذلك الأسرة والمدرسة والمجتمع ، ومن المؤكد بأن هذه العوامل لها أهمية كبرى في التعرف على الفعاليات والنشاط الثقافي وطبيعة ذلك النشاط في مرحلة الطفولة مما يعني ذلك وجوب إعطائها أهمية بالغة في البحث والدراسة والتقصي .
      والبيئة الاجتماعية لها أثر كبير في تكوين شخصية الطفل وثقافته. فالبيئة تدفع الإنسان إلى إظهار مواهبه وقدراته الكامنة كما أن لها أثر كبير في عملية تشكيل الثقافة والنشاطات الإبداعية الأخرى كما  أسلفنا ، لذا يجب على المربين إدراك ذلك وإيجاد المناخ الملائم لكل طفل لكي يتمكن من تنمية مواهبه وقدراته وممارسة هواياته . ومن المؤكد بأن تجربة الطفل في البيت والمدرسة وخارجها تؤدي دورا هاما في تنمية مواهب الطفل وتنمية قدراته الإبداعية ، والعلاقة الأسرية لها أثر بارز في تكوين شخصية الطفل وعقليته وثقافته ، فمن الأسرة يستمد الطفل عاداته وتقاليده وفلسفة مجتمعه ،  وتنعكس علاقات الأسرة فيما بين أفرادها على تكوين سلوك الطفل وعاداته وما يحيط به في حياته المنزلية فيرسم في خياله وذهنه صورا شتى تهذب سلوكه وانفعالاته وتنمي قدراته واستعداداته ، فتشجيع الطفل واظهار الاحترام نحو رأيه وإعطائه حرية نسبية لها أثر كبير في تطوير وتنمية خبراته وثقافته ، وتشترك المدرسة مع البيت في ذلك لأن التربية لن تستقيم إلا بتعاون البيت مع المدرسة في التأثير على الطفل ورعايته وتوجيه سلوكه ويجب تنسيق أدوار كل من الطرفين ، فالمدرسة تؤثر تأثيرا فاعلا حاسما في ثقافة الطفل المكتسبة من تلك البيئة ، فالمدرسة تنمي مواهب الأطفال وتصقل خبراتهم ومعارفهم من خلال ما يتلقونه داخل إطار بيئة المدرسة وهنا يبرز دور المربي والمعلم أمام مهمة تنمية الثقافة السليمة لدى الأطفال وذلك بصقل النشاط الذي يميل إليه الطفل ، فعليه أن يفسح المجال أمام الطفل كي يمارس الأنواع المتعددة من النشاط ، فإذا لقي الطفل اهتماما وتشجيعا من الأهل والمعلم فإن ذلك سيؤدي إلى تطوير وتنمية هذه المواهب وهذه القدرات الإبداعية . وإنه من الأهمية أن يعطى نشاط الطفل الأهمية اللازمة ورعاية هذا النشاط وخلق المناخ المناسب لممارسة الأنشطة والهوايات بشكل يرتاح له الطفل ، وعلى الأسرة والمعلم تشجيع الأطفال على المشاركة بالأسئلة والتبادل الفكري وعرض وجهات النظر ومناقشتها بصورة تسمح للطفل إبداء رأيه وعرض خبراته مما يجعل الطفل يعمل ذهنه ويستعمله وينمي حاجاته الذهنية والإدراكية . كما يجب تعويد الطفل على المشاركة وعلى أن تكون الحاجة إلى المعرفة أمرا أساسيا في شخصيته ، ويجب أن تتاح له الفرصة للتعبير عن أفكاره فعلى الأسرة والمجتمع أن يستمعوا للطفل ويساعدونه في فهم ما يريد فهمه لكي يكتشفوا موهبته ويساعدونه بذلك في تنميتها وتطويرها بما يتناسب ، كما أن علينا أن نتعامل مع الأطفال على أساس الثقة بقدراتهم على ممارسة نشاطاتهم وهواياتهم .
          وإنه من الضرورة بمكان الاهتمام بأدب الطفل العربي وخاصة في المرحلة التي تشهد زحفا ثقافيا خارجيا يستهدف أجيالنا القادمة ، و بالتالي فإنه بات من الضروري للغاية تكوين أرضية إسلامية عربية لدى أطفال الوطن العربي تكون لهم بمثابة الدرع الصلب الذي تتحطم عليه كافة محاولات التسلل إلى عقولهم الفتية وإمداد الطفل بالمطبوعة المناسبة من حيث الشكل والمضمون الجيدين وتوفيرها في متناول السواد الأعظم من جيل هذه الأمة مع ما يتطلبه من تنويع في المواد الموجهة للطفل ، وتمشيا مع سمات المرحلة القادمة يجب إعداد الطفل وتدريبه على اكتساب مهارات استخدام الحاسوب والإنترنت والاتصال والبحث والنقد وتقبل الحوار واحترام الرأي الآخر مع الاعتزاز بقيم ومفاهيم حضارتنا الإسلامية العريقة ، كما أن مبدأ التربية على أسلوب النجاح يؤدى إلى تنمية رغبات الأطفال في اكتساب المعرفة وتنميتها وتسهيل إمكانية بروز الفاعلية والنشاط عندهم وترك حرية الاختيار لهم كل ذلك من شأنه أن يساعد في ظهور قدرات الطفل الكامنة وأفكاره الإبداعية وينطلق نحو ميوله و هواياته التي يفضلها وإن مشاركة الأطفال في النشاطات المختلفة يساعد في تطوير المهارات والقدرات أكانت بدنية أو اجتماعية أو فنية أو فكريه أو غير ذلك 0
          إنه لمن الضروري أن نترك المواهب تنفتح منذ الطفولة لكي تترعرع و علينا أن نعتني بتنمية ظمأ المعرفة عند الأطفال كما ينبغي أن نعرف كيف نرعى المواهب والنشاطات الإبداعية وكيف نربيها كما نربي النبتة الصغيرة ونتعهدها بالعناية والاهتمام حتى تكبر و تؤتي ثمارا يانعة يفوح عطرها لان تلك البراعم سوف تكبر غدا وتخرج إلي الحياة لتفيد المجتمع وتقدم للإنسانية خدمات جليلة وعظيمة وتساعد بذلك في تطوير المجتمع ورقيه .












No comments: