بين المعلم والمدير
المعلم جندي مجهول منسي في ميدان القتال
التعليمي ، يبذل جهداً غير عادي .. يواجه تحديات ومسئوليات جسام .. على عاتقه
أعباء قد لا يدركها إلا من عرف المفهوم الحقيقي لمعنى التربية والتعليم .. إن
المعلم رسول تربوي ورسول تعليمي في ذات الوقت .. وإن المسألة التعليمية ليست كما
يضنها البعض " أكل عيش " أو نشاطات ومجهودات تبذل فحسب ، بل مسألة نتائج
، والمدرسة الناجحة يتمثل نجاحها في تحقيق نتائج عالية في مستويات التعليم ، ولا
يقاس ذلك بنسبة النجاح فقط بقدر استفادة الطلاب من التعليم بمعناه الحقيقي وأثر
ذلك على سلوكهم ومعلوماتهم الثقافية والعلمية والإجتماعية ومدى تفاعلهم مع المجتمع
الخارجي المحيط بهم واستفادته من خبراتهم وعلمهم وتجاربهم .
إن المعلم مطالب وبشكل رئيسي بأداء أدوار
ثلاثة رئيسية تتمثل في كونه مربي ، ومعلم وإداري ، ففي المقام الأول هو مطالب
ببناء السلوك الإيجابي للطلاب وهدم السلوك السلبي فنجده الأخ المرشد والمصلح
والطبيب والإخصائي الإجتماعي وهذا ما
يتعلق بدوره كتربوي .. أما دوره التعليمي فيتمثل في المنهاج الدراسي وما يتطلبه من
إعداد وتحضير وأعباء الحصص التي قد يصل نصاب المعلم في بعض الأحيان إلى 25 حصة
دراسية وتعدد المناهج التي يقوم بتدريسها ، والإمتحانات والتقييمات الطلابية
والتقارير وأعباء التوجيه .. أما أعباء الإدارة المدرسية فتتمثل في المناوبة
والإشراف والسجلات المدرسية الخاصة بالمعلم نفسه ومتابعة الأنشطة المدرسية الموكولة
إليه وغيرها من المهام الأخرى ، وهذا هم واضح وواسع يكاد يسيطر على أداء المعلم
بشكل كامل ..
هناك عدداً من العوامل السلبية الأخرى التي
تعترض مسيرة المعلم منها سلبية بعض أولياء الأمور فيما يتعلق بالتعاون فيما يتعلق
بشئون أبنائهم وإيجاد قاعدة من التفاهم بين البيت والمدرسة ، أضف إلى عامل الوقت
وضيقه وكثرة إلتزامات المعلم الإجتماعية مما يشكل عبئاً وضغطاً نفسياً وجهداً
مضاعفاً .
والموضوع المطروح على بساط البحث هو ،، أين
حقوق المعلم من واجباته ؟؟ وما هو دور مدير المدرسة في ظل نقص الكادر الإداري
وتراكمات أعباء المعلم الإدارية ،، وهل المعلم مطالب فعلاً بأدائها بتكليف رسمي ،،
أم أن الأمر لا يعدو كونه أمر ودي يتم التفاهم عليه بين المعلم والمدير حسب
القدرات والإمكانات ؟؟!
إن نقص الكادر الإداري ببعض المداس قد تكون
نتيجته سلبية بحتة على المعلم فنجد أنه بالإضافة إلى أعبائه التربوية والتعليمية
يجبر على القيام بأداء بعض المهام الإدارية التي تخرج عن دائرة إختصاصه ، فنجده
يطالب بأداء مهام هي في الأصل من إختصاصات إدارة المدرسة أو الجهاز الإداري ، وهذا
يكون على حساب راحة المعلم وعلى حساب أدائه في مهمته التعليمية والتربوية ، فنجد
أن هذا الثقل النفسي الممارس على المعلم قد يؤثر سلباً على أدائه وتعامله مع
الطلاب داخل وخارج الصف الدراسي ، فعندما يطالب المعلم بمثل هذه المهام يجد نفسه
في موقف لا يحسد عليه ، فإما أن يرفض ويستمر في أداء عمله المطلوب منه رسمياً أو
يضع نفسه وجهاً لوجه في موقف عدائي بعيد عن التعاون وتحت طائلة المسائلة القانونية
مع إدارة المدرسة .. والمفترض في حالة النقص في الكادر الإداري المتخصص لابد من أن
تراعي إدارات المدارس ضوابط تكليف المعلمين بأعباء وواجبات خارجة عن دائرة
مسئولياته وإيجاد الحلول المناسبة والشراكة الودية دون إرغام أو أن يتم اختيار
معلم متفرغ يقوم بمثل هذه الأعمال ..
إن استغلال تطبيق بعض المفاهيم الإدارية
بصورة خاطئة دون تحديد الأدوار حسب الإمكانات والرغبات وتوزيع المهمات قد يكون في
بعض الأحيان فيها نوع من الظلم والإجحاف بحق المعلم فنجد أن بعض الإدارات تركز في
أعمالها على فئة معينة من المعلمين لتوليهم مهام غير عادية على حين تترك الباقين
جانباً ، وهذا يعد جانباً من جوانب زيادة الثقل في جهة وتخفيفها في جهة أخرى ..
من الواجب على الإدارات المدرسية أن تراعي أن
هناك فروقاً فردية وأن المعلمين ليسوا سواء ، فهناك معلمون يملكون مهارات وقدرات
وطاقات وإبداعات وكفاءات قد لا يمتلكها البعض الآخر وبذلك يكونون عناصر فرضت نفسها
في الميدان التربوي ، وهناك آخرون ليس لهم أدوار وقد لا يرقوا إلى مستوى أولئك ،
وعلى الرغم من ذلك نجد أن هناك مساواة بين من يعمل ومن لا يعمل ، فيستوي الذين
يعملون والذين لا يعملون والذي يبذل جهداً مضاعفاً والذي لا يحرك ساكناً ، والأسوأ
من ذلك أنه قد يواجه العامل المجتهد
بالنقد والتقريع مما يشعره بالإحباط والتردد وضعف الهمة والإنجاز .. فالأمر سيان ،
لأنه ليس هناك من يحفزه أو يشجعه ويبعث في نفسه الحماس والجد .. وهنا يأتي دور
الإدارات المدرسية والتي من المفترض أن تعطي كل عنصر الدور الذي يناسبه فيوضع
الشخص المناسب في المكان المناسب وألا يكون الأمر مجرد شكليات رسمية ، وبالتالي
تكون العدالة والتوزيع المتكافئ حسب القدرات وعدم استغلال المعلم في أدوار لا
يفترض أن يقوم بها لأن مثل هذا الكم الهائل من الأعمال تحرم المعلم من البحث عن
أساليب التطوير والبحث والتجديد في أساليب التدريس وطرائقها واستخدام الوسائل
الحديثة للتعلم ووضع الخطط والإستراتيجيات المناسبة لطلابه ..
ثم إنه من الأهمية بمكان أن ندرك أن إشراك
المعلم في القرار المدرسي وعملية التخطيط ووضع القرارات لهي من أهم عوامل النجاح
للمدرسة ، فلا يعامل المعلم وكأنه شخص مهمش ليس له دور إلا أن ينفذ ما يطلب منه
دون أن ينبس ببنت شفه ، وهذه مسألة تقع في خضمها كثر من الإدارات المدرسية التي
تقوم باتخاذ القرارات والتوصيات وتنفيذ المشاريع دون أخذ آراء المعلمين ، وقد يصل
بالبعض إلى إصدار قرارات وتعميمات خاصة بالمعلم نفسه دون علمه وما عليه في نهاية
المطاف إلا أن يوقع على نشرة القرار ، لذلك نجد أن المسألة مؤثرة ومحبطة للكثير من
المعلمين الذين يظنون بإداراتهم خيراً .. المعلم يطالب بشراكة ، ولكن ليس شراكة
إرغامية ، وإذا ما وردت بعض النشرات أو التعميمات الإدارية لابد وأن تكون بأسلوب
لغوي راق غير منفر ، فإن ذلك يشجع المعلم على أداء المهام المطلوبة منه بكل تفهم
وإيجابية ..
ومن النقاط الهامة أيضاً والتي يجب التطرق إليها
إرهاق كاهل المعلمين الجدد ، فكما هو معلوم أن المعلم المتخرج حديثاً لا يعي شيئاً
في الميدان العملي وفي بدايته يتميز بشعلة عالية من النشاط والحيوية والرغبة في
إنجاز المهام الموكولة إليه بغض النظر عن كنهها ، وهل تدخل ضمن إطار واجباته
ومسئولياته ، فتقوم بعض الإدارات المدرسية باستغلال هذا المعلم أسوء إستغلال ،
فيكلف بأعباء جمة إلى جانب الثقل التعليمي ، فهو يرضى بأي كم من الحصص التدريسية
والتي قد تفوق في بعض الأحيان طاقته ، مستعد لأن يحمل أي نشاط من الأنشطة المدرسية
بغض النظر عن رغباته أو قدرته على إنجاز متطلبات النشاط ، مستعد لأن يقوم بأي عمل
إداري يكلف به مهما كانت نوعيته سواء أكانت سجلات مدرسية خاص بالمدير والتي هي من
اختصاصه وصميم عمله أو سجلات خاصة بالأخصائي الإجتماعي أو الرائد المنفذ أو أي
معلم آخر بالإضافة إلى عدم تزويده بأي خبرة فيما يتعلق بميدان عمله فيتخبط لفترات
طويلة بين الخطأ والصواب إلى أن يلهمه الله طريق الصواب .. إننا نقول لكم أيها
الإداريون وأيها المعلمون القدامى .. الله .. الله .. في المعلم الجديد ..!
إن الإدارات المدرسية وبحكم موقعها القيادي
مطالبة بتقديم خدمات عالية الجودة في الناحية التعليمية والتربوية وتحقيق معدلات
من الترابط التنسيقي بين العاملين وذلك من أجل رفع وتحسين العملية التعليمية
وتطوير الأداء وتحقيق الأهداف التربوية السامية لذلك لابد وأن تكون طريقة تفكيرها
منهجية عملية مرتبة منطقياً بعيدة عن التحيز والإنفعال ، تستند إلى الإبتكار
والإبداع وتبني القرارات على معلومات وتشخيصات دقيقة تشجع المعلمين على المشاركة
في التشخيص واتخاذ القرارات ..
إن المعلم حينما يستشعر أن جهده مثمن ، فإن
هذا سيمتص جزءاً من الثقل النفسي الملقى على كاهله وبذلك يستشعر الإستمتاع بالعمل
ولذة النجاح ، فيكون له مردود وأثر إيجابي على طلابه . إن مبدأ التحفيز والتشجيع
له دور كبير في إنجاز المعلم وأدائه في ميدان عمله ، فمن المفروض أن تتحول الإدارة
المدرسية وغيرها من المؤسسات التربوية في المجتمع إلى أدوات تقدم خدمات للمعلم
لأنه هو القائد الفعلي في الميدان ، فبقدر ما نرغب في تطوير مسيرة التربية
والتعليم لابد أن نراعي هذا الإنسان الذي يعمل داخل أسوار المدرسة وخارجها أيضاً
..
ومن أهم الأسس التي تشجع المعلم مراعاة أهم
الحاجات التي يحتاجها في مجال عمله كاكتساب خبرات جديدة ، فهو بحاجة إلى التأهيل
والتدريب ، فإذا ما وجد التأهيل المناسب ووفر الوقت والمناسب لمثل هذه الدورات
فلاشك أن ذلك يساعده على تطوير خبراته وزيادة كفاءته العملية ، وعدم اهمال المعلم
أو تجاهله لفترات طويلة ، وهنا يأتي دور إدارات المدارس والجهات الرسمية
كالمديريات العامة للتربية والوزارات وغيرها من المؤسسات التي تتبنى مثل هذه
الدورات التأهيلية ، كما أن المعلم بحاجة إلى تقديره شخصياً وتقدير ذاته وآرائه
والإعتراف بها ، وللعدالة في المعاملة ضمن حدود معقولة دورها في خلق جو من التفاهم
والثقة بين المدير والمعلم ، ومن النقاط الهامة أيضاً والتي يجب مراعاتها والتي
تدور حولها الكثير من التساؤلات بين أوساط المعلمين التقارير الفنية التي يحتسب
وأن توضع على أساس معايير معينة ، فنجد أن المعلم يظل في المهنة لسنوات عدة قد
يربو ببعضهم إلى العشر سنوات دون أن يعلم ما هو تقديره العام وبالتالي إذا ما حاول
التقديم لأي يعمل ينظر على أساس هذا التقدير وأذكر هنا أنه ذكر أن أحد المعلمين
النشطاء البارزين كان يعمل في مدرسة ما
لمدة عشر سنوات تقدم لشغل منصب موجه ، ولكنه رفض طلبه ؛ السبب لم يحصل في حياته
على أي تقدير ممتاز طوال خدمته في العشر سنوات لأن بينه وبين مدير المدرسة خلاف
وهنا نقول أين المصداقية والأمانة في العمل ، إنه من المطلوب من الإدارات المدرسية
أن تراعي شفافية التقييم وأن يكون هناك وضوح وأن يقال للمجتهد أحسنت ولمن عليه
ملاحظات يواجه بما لديه منها ليتم علاجها وتفاديها .
إن كفاءة المدير الفنية والإنسانية تعد من
العوامل الملحة التي يجب أن يراعيها مدير المدرسة الناجح ، وأهم هذه العوامل
بإيجاز ؛ العمل على مبدأ الشورى ، مراعاة المسئولية الملقاة على عاتق كل من المدير
والمعلم ، مراعاة المصلحة العامة ، المرونة في التعامل ، تقسيم الأدوار كل حسب
إمكاناته وقدراته وميوله ، مراعاة الوقت ، الرقابة الذاتية ، متابعة النظام ،
التعامل بروح الإخاء والمودة ومراعاة الظروف الخاصة إن وجدت ، وكذلك تبرز أهمية إشراك المعلم في القرارات
وعدم الإجبار على التنفيذ فقط ، وتوفير الإمكانات وتهيئة الظروف المناسبة .. كلها
عوامل تؤثر في نفسية المعلم ، فإذا شعر المعلم بعدالة المدير وإنصافه واحترامه فإن
ذلك يعطيه دفعة تقدم وحماس ، فالمعلم مرتبط بالجوانب النفسية وأسلوب المعاملة
والتشجيع ، فبقدر ما وجدت الإدارة المشجعة والمحفزة بقدر ما ينطلق المعلم ويشارك
بكل رضى وقناعة وبكل حماس واجتهاد ، وبقدر ما يتمسك المعلم بمدرسته وطلابه ويشعر
بانتمائه إليهم ..
إن المعلم بحاجة إلى من يستمع إليه ، ويفهمه ،
ويتعرف على جهوده وفرديته ، ويزوده بما يلزمه من خبرات ، ويدربه ، ويبصره بما لا
يبصر ، ويحترمه ، ويقدره ، ويعلمه ما يجري داخل مدرسته …
قد جاء في شعر جميل
|
|
قم للمعلم وفه
التبجيلا
هل له في وظيفته مثيلا تقاسيم وجهه لا تقبل التصوير ************************ حتى وإن قال الطبيب عليلاً الويل ثم الويل للتقصيرا حتى غدا لموظف التعليم أسيرا إلا المعلم خارج التسعيرا لما اتخذت هذا الطريق سبيلا |
القصيدة
نقلاً عن موقع http://www.angelfire.com/mn/almoalem/retha.html
No comments:
Post a Comment